2008/08/10

محمود درويش .. مات

0
أنا أبكي

ليس من شوق إلى حضن فقدته
ليس من ذكرى لتمثال كسرته
ليس من حزن على طفل دفنته
أنا أبكي ! 0
أنا أدري أن دمع العين خذلان .. و ملح
أنا أدري
و بكاء اللحن ما زال يلح
لا ترشّي من مناديلك عطرا
لست أصحو.. لست أصحو
ودعي قلبي.. يبكي ! 0

شوكة في القلب مازالت تغزّ

قطرات.. قطرات.. لم يزل جرحي ينزّ
أين زرّ الورد ؟
هل في الدم ورد ؟
يا عزاء الميتين ! 0
هل لنا مجد و عزّ ! 0
أتركي قلبي يبكي ! 0
خبّئي عن أذني هذي الخرافات الرتيبة
أنا أدري منك بالإنسان.. بالأرض الغريبة
لم أبع مهري.. و لا رايات مأساتي الخضيبة
و لأنّي أحمل الصخر وداء الحبّ.. 0
و الشمس الغريبة
أنا أبكي ! 0
أنا أمضي قبل ميعادي.. مبكر
عمرنا أضيق منا
عمرنا أصغر.. أصغر
هل صحيح .. يثمر الموت حياة
هل سأثمر
في يد الجائع خبزا..في فم الأطفال سكّر ؟
أنا أبكي ! 0
محمود درويش


لا أعرف الشخص الغريب

لا أعرف الشخصَ الغريبَ ولا مآثرهُ
رأيتُ جِنازةً فمشيت خلف النعش
مثل الآخرين مطأطئ الرأس احتراماً.. لم
أجد سبباً لأسأل: مَنْ هُو الشخصُ الغريبُ؟
وأين عاش.. وكيف مات فإن أسباب
الوفاة كثيرةٌ من بينها وجع الحياة
سألتُ نفسي: هل يرانا أم يرى
عَدَماً ويأسفُ للنهاية؟ كنت أعلم أنه
لن يفتح النَّعشَ المُغَطَّى بالبنفسج كي
يُودِّعَنا ويشكرنا ويهمسَ بالحقيقة
ما الحقيقة ؟
رُبَّما هُوَ مثلنا في هذه
الساعات يطوي ظلَّهُ.. لكنَّهُ هُوَ وحده
الشخصُ الذي لم يَبْكِ في هذا الصباح
ولم يَرَ الموت المحلِّقَ فوقنا كالصقر
فاًحياء هم أَبناءُ عَمِّ الموت.. والموتى
نيام هادئون وهادئون وهادئون ولم
أَجد سبباً لأسأل: من هو الشخص
الغريب وما اسمه ؟ لا برق
يلمع في اسمه والسائرون وراءه
عشرون شخصاً ما عداي أنا سواي
وتُهْتُ في قلبي على باب الكنيسة
ربما هو كاتبٌ أو عاملٌ أو لاجئٌ
أو سارقٌ، أو قاتلٌ.. لا فرق
فالموتى سواسِيَةٌ أمام الموت.. لا يتكلمون
وربما لا يحلمون..
وقد تكون جنازةُ الشخصِ الغريب جنازتي
لكنَّ أَمراً ما إلهياً يُؤَجِّلُها
لأسبابٍ عديدةْ
من بينها.. خطأ كبير في القصيدة

محمود درويش

الشكر والتقدير موصول للعزيز ليبرال مود على الفيديو

Labels: ,